عندما استحضر أكثر ما شهدته ابهارا فيما يخص الشر المطلق وأخص بالذكر المسلسلات المتعلقة بالذكاء والاجرا/م
أجد أن مسلسل Hannibal وانمي monster يبرزان و يحققان الذروة التي تجمع بين الوح*شية والذكاء إضافة إلى النكهة المميزة للعملين وهي (( التلاعب النفسي ))..
ففي أعماق النفس البشرية، حيث تختبئ أهوال الوجود وتتنافر قوى الخير والشر، نجد أنفسنا أمام عالمين متوازيين، متشابكين في نفس اللحظة، لكنهما مختلفان في جوهرهما كما يختلف النهار عن الليل.
في هذا الظلام السحيق، يقف “هانيبال ليكتر” و”يوهان ليبرت”، لا كقاتل/*ين متسلسل/ين عاديين، بل كمرآتين تعكسان أكثر أوجه الإنسانية ترويعًا، كل منهما بطريقته الخاصة، كل منهما بجحيمه الخاص.
“هانيبال”، ذاك الفنان الذي يمزج بين الد\م والألوان، بين العن*ف والذوق، يتجول في عالمٍ يراه لوحةً يجب أن تُعاد صياغتها وفقاً لرؤيته المعوجة.
هو ابن الظلام، لكنه ليس مخلوقًا من الفوضى.بل فن متجسد بحد ذاته وفي أعماق عينيه السوداوين، تلمع شرارة الذكاء والعبقرية، ذلك النوع من الجنون الذي يجذب الإنسان إلى حافة الهاوية، حيث تصبح الجرا/ئم عملاً فنياً، وحيث تتحول الضحية إلى مجرد جزء من سيمفونية الجنون.
وكما قال “هانيبال” ذات مرة:
“الحب والموت هما العمودان اللذان تدور حولهما كل المشاعر الإنسانية. ما نفعله لأنفسنا يموت معنا، وما نفعله للآخرين يبقى…”
يُظهر استمتاعه البارد بما يفعل وكأنه طقس يرفع من شأن الإنسان المبتذل إلى مستوى الفنون الراقية.
هانيبال لا يفعل مايفعله بدافع الانتقام فقط، بل بفعل الرغبة في إعادة تشكيل العالم، في جعل الفوضى جميلة بطريقة ما، وفي تحويل المو*ت إلى لوحة يتأملها بعينيه المتوقدتين.
أما “يوهان”، فهو ذاك الفراغ الهائل الذي يبتلع كل ما حوله، ذلك الكيان الذي لا يملك سوى هدف واحد: تدمير كل شيء، بما في ذلك ذاته. في عينيه يكمن سرٌ قديم، سر العدم الذي لا يترك وراءه سوى الخراب.
هو ليس كالآخرين، فهو لا يسعى وراء الجمال أو المتعة، بل خلف الهلاك نفسه.
“أريد أن أكون آخر شخص يبقى على قيد الحياة في هذا العالم”، يقولها “يوهان” كتعويذة، وكأنه يحاول استحضار نهاية كل شيء، لا لشيء سوى مشاهدة العالم وهو يتداعى.
يوهان هو تجسيد للعدم الذي يتفشى كالمرض، يحول كل شيء يلمسه إلى رماد، حتى قلوب من يحاولون فهمه أو إيقافه.
هنا في هذه المفارقة التي حصلت داخل رأسي يلتقي الفيلسوف بالفوضوي، الفنان بالمدمر، والجمال بالخراب. كل منهما يجسد جانباً مختلفاً من الشر، لكن كليهما يجبرنا على النظر في مرآة الذات، حيث ندرك أن الشر ليس خارجياً فقط، بل ينمو في أعماقنا، يتغذى على خوفنا، وعلى رغبتنا الدفينة في الانفصال عن الواقع، في الانغماس في الظلام، حيث لا يوجد نور يهدي الضائعين، وحيث لا تبقى سوى الاسئلة غير المعروف إجابتها وتلك النهايات المفتوحة التي تتركنا تائهين ..
ملاحظة برك “مانيش سيريلكي//لر “🤣